جاء في مداخلة الزميل عبد الكبير اخشيشن رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية خلال الندوة الوطنية التي نظمتها النقابة يوم الاثنين 12 فبراير من السنة الجارية حول موضوع : ” التنظيم الذاتي للمهنة ” حيث قال: “كنا وعدنا في الوثيقة الفكرية والتنظيمية التي أفرزها المؤتمر الوطني التاسع لنقابتنا، مجسدة في الخطة الإستراتيجية لنقابتنا، والذي كان من ضمن عناصر التحرك الفوري فيها هو فتح نقاش وطني حول منظومة القوانين المؤطرة للعمل الإعلامي والصحفي ببلدنا بهدف تجاوز أعطاب هذه المهنة في بلدنا، وارتبط تقديرنا هذا، من إيماننا بأن أحد عناصر الإجابة على هذا الوضع هو مراجعة القوانين الثلاث المشكلة لمدونة الصحافة والنشر، ومنها القانون رقم 88.13 للصحافة والنشر، والقانون والقانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين، وكذا القانون رقم 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة
لكل ذلك تشرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية انطلاقا من هذه الندوة الوطنية الكبرى في تنزيل أحد عناصر الخطة الاستراتيجية ، عبر مساءلة منظومة القوانين المنظمة للعمل الصحفي، وذلك في سياق المجهود الوطني المبذول لإصلاح قطاع الصحافة وتجويد البيئة الإعلامية”
وشدد نقيب الصحفيين المغاربة على أن مساءلة التجربة التي مرت في تنزيل القوانين المشكلة لمدونة الصحافة والنشر، تكتسي فرصة للوقوف عن قرب على الثغرات التي أفرزتها الممارسة في القوانين الثلاثة”.
وأضاف الزميل رئيس النقابة انه وبالنظر لأهمية الأخلاقيات، وكذا لتجربة التنظيم الذاتي، ارتأينا أن تفتتح هذه الورش بهذين المحورين.
من العناوين الكبرى التي تطفو كلما تحدثنا عن هوية التنظيم الذاتي هو أنه :
” توحّد الصحافيين لفرض حقوقهم، بما يمنع السلطات من تخطيهم.
وهو كذلك “اتفاق رسمي بين وسائل الإعلام والصحفيين والجمهور للتصرف بمسؤولية”
وأن وجود التنظيم الذاتي يكون كذلك ضروريا “حين يتحول الإعلام إلى سلطة غير ديمقراطية وغير شفافة.
وكل ذلك يروم إلى “إنتاج مادة إعلامية لا تقيّدها الرقابة وتلتزم بالشرعة الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية.
مؤكدا على أن كل هذا الحديث عن مهام الإعلام وأدواره تجاه الدولة والمجتمع يبرز مكانة أولوية الإعلام، وفي ذات الوقت ، يعكس وضعا يقاس بمؤشر هيكلي وهو النظر في منظومة أخلاقيات الإعلام وآليات التنظيم الذاتي للصحافة، إلى درجة أن الضبط الذاتي يوازي ويعادل موضوعيا الحديث عن وضعية الممارسة الإعلامية بشكل عام في كل بلد ،
وأكد على أن الاهتمام بالتنظيم الذاتي للصحافة، انطلق من فكرة مفادها أنه “لن تستطيع أي هيئة رسمية أن تحرص على تحصين حقوق الصحافيين، كما يستطيع الصحفيون أنفسهم”.
فالصراع الدائم بين السلطة التي تسعى إلى توسيع دائرة الرقابة، وبين الصحافيين الذين يخوضون معارك تشريعية لتحصين حقوقهم، دفع باتجاه “التنظيم الذاتي للصحافة”.
لهذا، تعود أهمية التنظيم الذاتي إلى سعي الإعلاميين لتجنب إصدار قوانين تؤثر على حرية الإعلام من غير المتخصصين في المهنة، وحتى يشارك الصحفيون والإعلاميون بوعي في صياغة النصوص القانونية والتنظيمية التي تهم حرية الفكر والرأي والتعبير والصحافة والنشر، والحصول على المعلومات وتداولها وحرية امتلاك الوسائل الإعلامية.
و قال نقيب الصحفيين المغاربة أن مجالس الصحافة تساهم في بناء الثقة والمصداقية في وسائل الإعلام، وأيضا تشكل محركا لتحسين معايير الجودة، ومنع تدخل الدولة والسلطات الأخرى في الشأن الإعلامي، كما تساهم في تقليل عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
وزاد قائلا: “منذ الشروع في ابتداع سبل التنظيم الذاتي ووضع قواعد لأخلاقيات مهنة الصحافة ظلت إشكاليات كبرى تعتري العمل الإعلامي على مدى سنوات طويلة، تتمحور أساسا حول، أي آلية هي الكفيلة بتحقيق هذا الغرض؟، هل يتم الاحتكام مثلا إلى الميثاق الأخلاقي للمؤسسة الإعلامية وحده؟ أم الرهان على آلية الوسيط أو المرافق داخل المنشأة الإعلامية لتلقي الشكايات والاقتراحات والملاحظات؟ أم أن الأمر يتعدى حدود المؤسسة الإعلامية إلى فضاء أوسع يجمع الصحافيين والناشرين وكل المعنيين المباشرين بالإعلام؟”.
وأضاف أن التجربة الأولى انطلقت سنة 1916 على أساس الخيار الأخير في السويد، التي شهدت ظهور أول مجلس للصحافة. وبعد سنوات قليلة أحدثت ألمانيا وهولندا والدول الاسكندنافية المجالس نفسها، ثم انتشر هذا النموذج للتنظيم الذاتي للصحافة في أوروبا وفي باقي دول العالم الديمقراطي.
بيد أن خيارات الدول في هذا المجال اتخذت مسارات مختلفة، وذلك بحكم تنوع وتباين الممارسة الإعلامية وطبيعة الممارسة الديمقراطية السائدة.
.
وخلص الزميل اخشيشن إلى القول بأنه توجد أشكال متعددة من التنظيم الذاتي في مجال الصحافة، حسب خصوصيات البيئة الوطنية لكل مجتمع، مع الأخذ بعين الاعتبار أنها يجب أن تراعي، مقتضيات حرية الصحافيين وضماناتها واحترام حق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية بشكل عام في التنظيم الذاتي لمهنتهم في المقام الأول، وثانيا، تراعي مقتضيات مسؤولية الصحافيين المجتمعية، أي قبولهم الطوعي بمبدأ المساءلة والأخذ بعين الاعتبار حق المواطنين في حماية أنفسهم من الإعلام عندما يتحول إلى سلطة غير ديمقراطية وغير شفافة.
ويختلف “التنظيم الذاتي” للصحافة عن تنظيم الإعلام السمعي البصري، حيث إن الأخير يتم عادة تنظيمه بموجب قوانين وقرارات صادرة عن السلطات والهيئات المعنية بهذا النوع من الإعلام. ولهذا فإن الصحافة المكتوبة (الورقية) والإلكترونية مبدئيا هي المعنية، فقط، بالتنظيم الذاتي.
وهو المنطق نفسه الذي نهتدي به للحديث عن آلية التنظيم الذاتي في التجربة المغربية، حيث سيتم الاقتصار على آلية المجلس الوطني للصحافة دون الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري..
وسوف نستعرض في تركيز حالة أخلاقيات الإعلام وأساليب الضبط الذاتي للصحفيين والإعلاميين في التجربة المغربية، مبينين خصائص هذه التجربة من حيث مكتسباتها وإكراهات ومظاهر محدوديتها.
و استحضارا لحداثة التجربة الوطنية، سيتم التعرض لمستويات المحدودية انطلاقا من التجارب المقارنة، كما سيتم الاحتكام إلى النصوص القانونية والتنظيمية ذات الصلة بمجال التنظيم الذاتي أكثر من الرهان على تقييم الأداء ومكتسبات التجربة لعمرها القصير، الذي لم يتعد أربع سنوات منذ انتخاب وتنصيب أعضاء المجلس الوطني للصحافة، وكذلك أخذا بعين الاعتبار الصعوبات التي تعترض التجارب الأولى باعتبارها لحظات التأسيس والبناء
لكل ذلك ستكون الأسئلة المطروحة في المحورين مرتبطة ب:

ما أهمية التنظيم الذاتي في التجربة المغربية.؟
ما هي حدود التأثير الذي أحدثته مدونة السلوك بمثابة قانون حول أخلاقيات المهنة؟
ما هي الثغرات والعيوب التي تم تسجيلها في التنزيل الأول القوانين المؤطرة.؟
هل تتحمل ثغرات القوانين وحدها مسؤولية عدم الحسم مع أعطاب التجربة الإعلامية الحالية؟.
ما حدود المسؤولية بين الصحفي والمؤسسات والمجتمع في تحقيق بيئة مهنية فضلى؟
ماذا تقدم لنا التجارب الدولية الحاضرة معنا من معين قانوني ونظري يفيد تجربتنا المغربية؟.
وحضر هذه الندوة الوطنية حول: ” التنظيم الذاتي للمهنة وأخلاقيات مهنة الصحافة “
كل من : السيد يونس مجاهد رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر
السيد الهيثمي عضو الجمعية الوطنية للإعلام والنشر
السيد جيم بوملحة عن الاتحاد الدولي للصحافيين
السيد منير زعرور الخبير المختص لدى الاتحاد الدولي للصحافيين
السيد أنطوني بلانجي الكاتب العام للفيدرالية الدولية للصحافيين، والذي سنستضيفه عن بعد من بروكسيل
الاستاذ مايكل جيبمبسن Mike Jempson ( ضيف النقابة ) والخبير الدولي من بريطانيا
والزميلات والزملاء ضيوف النقابة.