الخميس 13 شتنبر 2017
السيد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المحترم
أسرة الفقيد
السادة أعضاء قيادة الحزب و أعضاء مختلف أجهزته التنفيذية والتنظيمية
الزملاء في جريدة البيان
الزميلات و الزملاء
الحضور الكريم
إنها اللحظة التي يستعصي فيها تطويع اللغة لتركيب جمل ومعاني ذات دلالة لتعكس عمق و حقيقة الشعور، إنها اللحظة التي يفقد فيها اللسان طلاقته في الحديث، إنها اللحظة الآسية التي مهما بلغ صدق التعبير منتهاه ، فإنه يترك قناعة بأنه لم يكن صادقا بما يلائم ويناسب حجم الفقد .
إنها لحظة رثاء زميل و صديق خبرناه لسنين طويلة مهنيا محترفا بدأ مشواره المهني حينما التقطته فراسة رحل عظيم في حجم الزعيم علي يعتة، و اختاره مراسلا لجريدة البيان و هو شاب يافع مقبل على الحياة، وشق مساره المهني في منعرجات كبيرة قادته من جريدة البيان إلى وكالة المغرب العربي للأنباء إلى الإعلام المؤسساتي كمستشار وزاري، وطوال هذا المسير الطويل كان محمد بن الصديق الصحافي المهني المخلص لمقومات و ثوابت المهنة من صدق وموضوعية و نزاهة .
محمد بن الصديق لم يحتم في المهنة ينتظر راتبا عنها كل شهر، بل كانا صحافيا ملتزما سياسيا، مناضلا في صفوف حزب وطني كبير حايل في نضالاته رجالا و نساء كبار و عظام، و مهم أن نسجل في حالة الفقيد الكبير أن الصحافي الملتزم سياسيا يكون أكثر انضباطا لثوابت العمل المهني لأنه يشتغل في إطار منظومة سياسية متكاملة تدفع إلى الخلف النزعات الذاتية و ردود الفعل الشخصية، وبن الصديق كان نموذجا ناطقا لذلك .
الفقيد محمد بن الصديق خبرناه أيضا مناضلا صنديدا في صفوف النقابة الوطنية للصحافة المغربية، و كان من رواد الجيل الذي ضمن انتقالا سلسا للنقابة الوطنية من إطار نقابي للناشرين فقط إلى تنظيم مهني خاص بالصحافيين، و سواء في جريدة البيان أو في وكالة المغرب العربي للأنباء كان الفقيد مثالا يحتدا به في العمل النقابي النزيه والنظيف و الفعّال .
وماذا عساني أقول عن محمد بن الصديق الإنسان و الصديق ؟ لقد كان متميزا بشخصية متفردة، عميق في هدوئه، لكنه اجتماعي بعلاقات اجتماعية حميمية جدا، متواضع حد البساطة، خلوق حد خذلان الآخر .
والْيَوْمَ نستشعر حجم الفقد بمصاب جلل خلف آثارا عميقة في دواخلنا، ولا يسعفنا في تحمل حجم هذا المصاب غير تسليمنا بإرادة الخالق جل جلاله الذي له ما أعطى و له ما أخذ، و إيماننا بأن كل كائن حي ولجته الروح في يوم من الأيام لا بد من تخرج منه و يلقى ربه، واعتقادنا في أن الإنسان إنما هو في نهاية المطاف مجموعة أيام وأسابيع و شهور و سنين، وكل ما انصرم يوم من أيام الزمان إلا و انقضى جزء من عمره ، إنها الموت التي هي حق علينا جميعا . يقول تعالى جل جلاله في محكم كتابه المبين في سورة ” النساء ” (أينما كُنتُم يدرككم الموت و إن كُنتُم في بروح مشيدة) و من حكمة الله سبحانه و تعالى أن جعل الموت المصير الوحيد الذي يحقق المساواة الفعلية بين جميع المخلوقات، هي التي تضع حدا لقوة القوي و تنهي ضعف الضعيف و تغلف الجميع في قطعة ثوب ليوارى الثرى بعد أن تردد الجملة التي تسري على الجميع ( إنها جنازة رجل ) مهما كان حجم و وزن هذا الرجل في الحياة .
تغمد الله فقيدنا الكبير بواسع رحمته و أسكنه فسيح جنانه إلى جوار عباده الصالحين، و عزاء صادق لأسرة الفقيد الصغيرة ولعائلته السياسية ولزملائه.
إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون